الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: سير أعلام النبلاء
قلت: كل لباس أوجد في المرء خيلاء وفخرا فتركه متعين ولو كان من غير ذهب ولا حرير فإنا نرى الشاب يلبس الفرجية (1) الصوف بفرو من أثمان أربع مائة درهم ونحوها والكبر والخيلاء على مشيته ظاهر فإن نصحته ولمته برفق كابر وقال: ما في خيلاء ولا فخر وهذا السيد ابن عمر يخاف ذلك على نفسه.وكذلك ترى الفقيه المترف إذا ليم في تفصيل فرجية تحت كعبيه قيل له:قد قال النبي-صلى الله عليه وسلم-: (ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار).يقول: إنما قال هذا فيمن جر إزاره خيلاء وأنا لا أفعل خيلاء فتراه يكابر ويبرئ نفسه الحمقاء ويعمد إلى نص مستقل عام فيخصه بحديث آخر مستقل بمعنى الخيلاء ويترخص بقول الصديق: إنه يا رسول الله يسترخي إزاري فقال: (لست يا أبا بكر ممن يفعله خيلاء).فقلنا: أبو بكر-رضي الله عنه- لم يكن يشد إزاره مسدولا على كعبيه أولا؛ بل كان يشده فوق الكعب ثم فيما بعد يسترخي.وقد قال- عليه الصلاة والسلام-: (إزرة المؤمن إلى أنصاف ساقيه لا جناح عليه فيما بين ذلك وبين الكعبين).ومثل هذا في النهي لمن فصل سراويل مغطيا لكعابه.ومنه طول الأكمام زائدا وتطويل العذبة.وكل هذا من خيلاء كامن في النفوس وقد يعذر الواحد منهم بالجهل والعالم لا عذر له في تركه الإنكار على الجهلة فإن خلع على رئيس خلعة سيراء (2) من ذهب وحرير وقندس يحرمه ما ورد في النهي عن جلود السباع ولبسها الشخص يسحبها ويختال فيها ويخطر بيده ويغضب ممن لا يهنيه بهذه المحرمات ولا سيما إن كانت خلعة وزارة وظلم ونظر مكس (3) أو ولاية شرطة فليتهيأ للمقت وللعزل والإهانة والضرب وفي__________(1) الفرجية: ثوب واسع طويل الأكمام بتخذ من قطن أو حرير أو صوف.(2) السيراء: بكسر السين وفتح الياء والمد: نوع من البرود تتخذ من حرير.(3) المكس: الضريبة التي يأخذها الماكس وهو العشار وقد تحرفت في المطبوع إلى " ملبس ".
النسخة المطبوعة رقم الصفحة: 234 - مجلد رقم: 3
|